ألفاظ القرآن الكريم


أب

‏- الأب: الوالد، ويسمى كل من كان سببا في إيجاد شيء أو صلاحه أو ظهوره أبا، ولذلك يسمى النبي صلى الله عليه وسلم أبا المؤمنين، قال الله تعالى: {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم} <الأحزاب/6> وفي بعض القراءات: (وهو أب لهم) (وبها قرأ ابن عباس، وأبي بن كعب وهي في مصحفه، وهي قراءة شاذة منسوخة).‏

‏وروى أنه صلى الله عليه وسلم قال لعلي: (أنا وأنت أبوا هذه الأمة) (الحديث لم أجده، ولعله من وضع الشيعة، والله أعلم. وقد نقله عنه الفيروز آبادي في البصائر، والسمين في عمدة الحفاظ مادة (أبي)، ولم يعلقا عليه).‏

‏وإلى هذا أشار بقوله: (وكل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي) (الحديث أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 3/36 والبيهقي 7/114 والحاكم 3/142 وقال: صحيح الإسناد وتعقبه الذهبي فقال: منقطع، وأبو نعيم في معرفة الصحابة 1/231. وسببه أن عمر بن الخطاب خطب إلى علي بن أبي طالب ابنته أم كلثوم، فاعتل عليه بصغرها، فقال: إني لم أرد الباه ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره. راجع الفتح الكبير 3/324؛ وأسباب ورود الحديث 3/90).‏

‏وقيل: أبو الأضياف لتفقده إياهم، وأبو الحرب لمهيجها، وأبو عذرتها لمفتضها.‏

‏ويسمى العم مع الأب أبوين، وكذلك الأم مع الأب، وكذلك الجد مع الأب، قال تعالى في قصة يعقوب: {ما تعبدون من بعدي؟ قالوا: نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحق إلها واحدا <البقرة/133>، وإسماعيل لم يكن من آبائهم وإنما كان عمهم.‏

‏وسمي معلم الإنسان أبا لما تقدم ذكره.‏

‏وقد حمل قوله تعالى: {وجدنا آباءنا على أمة} <الزخرف/22> على ذلك. أي: علماءنا الذين ربونا بالعلم بدلالة قوله تعالى: {ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا} <الأحزاب/67>.‏

‏وقيل في قوله: {أن اشكر لي ولوالديك} <لقمان/14> : إنه عنى الأب الذي ولده، والمعلم الذي علمه.‏

‏وقوله تعالى: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم} <الأحزاب/40>، إنما هو نفي الولادة، وتنبيه أن التبني لا يجري مجرى البنوة الحقيقية.‏

‏وجمع الأب آباء وأبوة نحو: بعولة وخؤولة.‏

‏وأصل (أب) فعل (قال سيخنا العلامة أحمد الحسيني الشنقيطي في هذا المعنى:‏

‏في أب اختلافهم هل فعل * أو هو بالسكون خلف نقلوا‏

‏فكوفة عندهم مسكن * وبصرة لعكس ذاك ركنوا)، وقد أجري مجرى قفا وعصا في قول الشاعر:‏

‏- 3 - إن أباها وأبا أباها (هذا شطر بيت، وعجزه:‏

‏قد بلغا في المجد غايتاها‏

‏وفي المخطوطة البيت بتمامه ص 2. وهو لأبي النجم العجلي، وهو في شرح ابن عقيل 1/51؛ وشفاء العليل بشرح التسهيل 1/120؛ وشرح المفصل 1/53؛ وقيل: هو لرؤبة، في ملحقات ديوانه ص 168)‏

‏ويقال: أبوت القوم: كنت لهم أبا، أأبوهم، وفلان يأبو بهمه أي: يتفقدها تفقد الأب.‏

‏وزادوا في النداء فيه تاء، فقالوا: يا أبت (وهذه التاء عوض عن الياء، قال ابن مالك في الفيته:‏

‏وفي نداء أبت أمت عرض * وافتح أو اكسر، ومن اليا التا عوض)‏

‏وقولهم: بأبأ الصبي، فهو حكاية صوت الصبي إذا قال: بابا (راجع لسان العرب (بأبأ) 1/25، والمسائل الحلبيات ص 326

‏أبى‏

‏- الإباء: شدة الامتناع، فكل إباء امتناع وليس كل امتناع إباء.‏

‏قوله تعالى: {ويأبى الله إلا أن يتم نوره} <التوبة/32>، وقال: {وتأبى قلوبهم} <التوبة/8>، وقوله تعالى: {أبى واستكبر} <البقرة/34>، وقوله تعالى: {إلا إبليس أبى} <طه/116> وروي: (كلكم في الجنة إلا من أبى) (الحديث عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كل أمتي يدخل الجنة يوم القيامة إلا من أبى، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى. أخرجه البخاري انظر فتح الباري 13/249، باب الاعتصام بالسنة؛ وأحمد في المسند 2/361، قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح أيضا. انظر مجمع الزوائد 10/73)، ومنه: رجل أبى: ممتنع من تحمل الضيم، وأبيت الضير تأبى، وتيس آبى، وعنز أبواء: إذا أخذه من شرب ماء فيه بول الأروى داء يمنعه من شرب الماء (راجع لسان العرب 4/5 مادة (أبى) ؛ والأروى: أنثى الوعول، وهو اسم جمع).

‏أب‏

‏- قوله تعالى: {وفاكهة وأبا} <عبس/31>.‏

‏الأب: المرعى المتهيئ للرعي والجز (انظر: اللسان (أبب) 1/205)، من قولهم: أب لكذا أي تهيأ، أبا وإبابة وإبابا، وأب إلى وطنه: إذا نزع إلى وطنه نزوعا تهيأ لقصده، وكذا أب لسيفه: إذا تهيأ لسله.‏

‏وأبان ذلك فعلان منه، وهو الزمان المهيأ لفعله ومجيئه.‏

‏أبد‏

‏- قال تعالى: {خالدين فيها أبدا} <النساء/122>. الأبد: عبارة عن مدة الزمان الممتد الذي لا يتجزأ كما يتجرأ الزمان، وذلك أنه يقال: زمان كذا، ولا يقال: أبد كذا.‏

‏وكان حقه ألا يثنى ولا يجمع إذ لا يتصور حصول أبد آخر يضم إليه فيثنى به، لكن قيل: آباد، وذلك على حسب تخصيصه في بعض ما يتناوله، كتخصيص اسم الجنس في بعضه، ثم يثنى ويجمع، على أنه ذكر بعض الناس أن آبادا مولد وليس من كلام العرب العرباء.‏

‏وقيل: أبد آبد. وأبيد أي: دائم (يقال لا أفعل ذلك أبد الأبيد، وأبد الآباد، وأبد الدهر، وأبيد الأبيد، وأبد الأبدية. راجع: لسان العرب (أبد) 3/68؛ والمستقصى 2/242)، وذلك على التأكيد.‏

‏وتأبد الشيء: بقي أبدا، ويعبر به عما يبقى مدة طويلة.‏

‏والآبدة: البقرة الوحشية، والأوابد: الوحشيات، وتأبد البعير: توحش، فصار كالأوابد، وتأبد وجه فلان: توحش، وأبد كذلك، وقد فسر بغضب.

‏أبق‏

‏- قال الله تعالى: {إذ أبق إلى الفلك المشحون} <الصافات/140>. يقال: أبق العبد يأبق إباقا، وأبق يأبق: إذا هرب (انظر: الأفعال للسرقسطي 1/96؛ والمجمل 1/84؛ ولسان العرب (أبق) 10/3. بكسر الباء وفتحها).‏

‏وعبد آبق وجمعه أباق، وتأبق الرجل: تشبه به في الاستتار، وقول الشاعر:‏

‏- 4 - قد أحكمت حكمات القد والأبقا * (هذا عجز بيت لزهير بن أبي سلمى؛ وصدره:‏

‏القائد الخيل منكوبا دوابرها‏

‏وهو في ديوانه ص 41، والعجز في المجمل 1/84؛ وشمس العلوم 1/52؛ والبيت بتمامه في اللسان (أبق) ) قيل: هو القنب.

‏إبل‏

‏- قال الله تعالى: {ومن الإبل اثنين} <الأنعام/144>، الإبل يقع على البعران الكثيرة ولا واحد له من لفظه.‏

‏وقوله تعالى: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت} <الغاشية/17> قيل: أريد بها السحاب (قال أبو عمرو بن العلاء: ومن قرأها بالتثقيل قال الإبل: السحاب التي تحمل الماء للمطر. راجع لسان العرب (إبل) 11/6؛ وتفسير القرطبي 20/35)، فإن يكن ذلك صحيحا فعلى تشبيه السحاب بالإبل وأحواله بأحوالها.‏

‏وأبل الوحشي يأبل أبولا، وأبل أبلا (انظر الأفعال للسرقسطي 1/90؛ واللسان 11/5. مادة أبل) : اجتزأ عن الماس تشبها بالإبل في صبرها عن الماء.‏

‏وكذلك: تأبل الرجل عن امرأته: إذا ترك مقاربتها (وروي عن وهب قال: لما قتل ابن آدم أخاه تأبل آدم على حواء. أي: ترك غشيانها حزنا على ولده). وأبل الرجل: كثرت إبله، وفلان لا يأتبل أي: لا يثبت على الإبل إذا ركبها، ورجل آبل وأبل: حسن القيام على إبله، وإبل مؤبلة: مجموعة.‏

‏والإبالة: الحزمة من الحطب تشبيها بهه، وقوله تعالى: {وأرسل عليهم طيرا أبابيل} <الفيل/3> أي: متفرقة كقطعات إبل، الواحد إبيل (الأبابيل: جماعة في تفرقة، واحدها: إبيل وإبول).

‏أتى‏

‏- الإتيان: مجيء بسهولة، ومنه قيل للسيل المار على وجهه: أتي وأتاوي (قال ابن منظور: والأتي: النهر يسوقه الرجل إلى أرضه. وسيل أتي وأتاوي: لا يدرى من أين أتى، وقال اللحياني: أي: أتى ولبس مطره علينا)، وبه شبه الغريب فقيل: أتاوي (وقال في اللسان: بل السيل مشبه بالرجل لأنه غريب مثله، راجع 14/15).‏

‏والإتيان يقال للمجيء بالذات وبالأمر وبالتدبير، ويقال في الخير وفي الشر وفي الأعيان والأعراض، نحو قوله تعالى: {إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة} <الأنعام/40>، وقوله تعالى: {أتى أمر الله} <النحل/1>، وقوله: {فأتى الله بنيانهم من القواعد} <النحل/26>، أي: بالأمر والتدبير، نحو: {وجاء ربك} <الفجر/22>، وعلى هذا النحو قول الشاعر:‏

‏- 5 - أتيت المروءة من بابها‏

‏(هذا عجز بيت للأعشى وقبله:‏

‏وكأس شربت على لذة * وأخرى تداويت منها بها‏

‏لكي يعلم الناس أني امرؤ * أتيت المروءة من بابها‏

‏وليس في ديوانه - طبع دار صادر، بل في ديوانه - طبع مصر ص 173؛ وخاص الخاص ص 99، والعجز في بصائر ذوي التمييز 2/43)‏

‏{فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها} <النمل/37>، وقوله: {لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى} <التوبة/54>، أي: لا يتعاطون، وقوله: {يأتين الفاحشة} <النساء/15>، وفي قراءة عبد الله: (تأتي الفاحشة (وهي قراءة شاذة قرأ بها ابن مسعود) فاستعمال الإتيان منها كاستعمال المجيء في قوله: {لقد جئت شيئا فريا} <مريم/27>.‏

‏يقال: أتيته وأتوته (قال ابن مالك:‏

‏وأتوت مثل أتيت فقل لها * ومحوت خط السطر ثم محيته)، ويقال للسقاء إذا مخض وجاء زبده: قد جاء أتوه، وتحقيقه: جاء ما من شأنه أن يأتي منه، فهو مصدر في معنى الفاعل.‏

‏وهذه أرض كثيرة الإتاء أي: الريع، وقوله تعالى: {مأتيا} <مريم/61> مفعول من أتيته.‏

‏قال بعضهم: (والذي قال هذا ابن قتيبة وأبو نصر الحدادي، وذكره ابن فارس بقوله: وزعم ناس، وكأنه يضعفه.‏

‏راجع: تأويل مشكل القرآن ص 298؛ والمدخل لعلم التفسير كتاب الله ص 269؛ والصاحبي ص 367؛ وكذا الزمخشري في تفسيره راجع الكشاف 2/2/415) : معناه: آتيا، فجعل المفعول فاعلا، وليس كذلك بل يقال: أتيت الأمر وأتاني الأمر، ويقال: أتيته بكذا وأتيته كذا. قال تعالى: {وأتوا به متشابها} <البقرة/25>، وقال: {فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها} <النمل/37>، وقال: {وآتيناهم ملكا عظيما} <النساء/54>.‏

‏<وكل موضع ذكر في وصف الكتاب (آتينا فهو أبلغ من كل موضع ذكر فيه (وأتوا) ؛ لأن (أوتوا) قد يقال إذا أوتي من لم يكن منه قبول، وآتيناهم يقال فيمن كان منه قبول> (نقل هذه الفائدة السيوطي في الإتقان 1/256 عن المؤلف).‏

‏وقوله تعالى: {آتوني زبر الحديد} <الكهف/96> وقرأه حمزة موصولة (وكذا قرأها أبو بكر من طريق العليمي وأبي حمدون. انتهى. راجع: الإتحاف ص 295). أي: جيئوني.‏

‏والإيتاء: الإعطاء، <وخص دفع الصدقة في القرآن بالإيتاء> نحو: {وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة} <البقرة/277>، {وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة} <الأنبياء/73>، و {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا} <البقرة/229>، و {ولم يؤت سعة من المال} <البقرة/247>.

‏أث‏

‏- الأثاث: متاع البيت الكثير، وأصله من: أث (يقال: أث النبات يئث أثاثه، أي: كثر والتف. انظر: اللسان (أث) )، أي: كثر وتكاثف.‏

‏وقيل للمال كله إذا كثر: أثاث، ولا واحد له، كالمتاع، وجمعه أثاث (وهذا قول الفراء، وقيل: واحده أثاثة. انظر: المجمل 1/78؛ واللسان (أث) ).‏

‏ونساء أثايت: كثيرات للحمل، كأن عليهن أثاثا، وتأثث فلان: أصاب أثاثا.

‏أثر‏

‏- أثر الشيء:حصول ما يدل على وجوده، يقال: أثر وأثر، والجمع: الآثار. قال الله تعالى: {ثم قفينا على آثارهم برسلنا} (وفي أ (وقفينا) وهو خطأ) <الحديد/27>، {وآثارا في الأرض} <غافر/21>، وقوله: {فانظر إلى آثار رحمة الله} <الروم/50>.‏

‏ومن هذا يقال للطريق المستذل به على من تقدم: آثار، نحو قوله تعالى: {فهم على آثارهم يهرعون} <الصافات/70>‏

‏وقوله {هم أولاء على أثري} <طه/84>.‏

‏ومنه: سمنت الإبل على أثارة (انظر: لسان العرب (أثر) 6/7؛ ومجمل اللغة 1/87)، أي: على أثر من شحم، وأثرت البعير: جعلت على خفه أثرة، أي: علامة تؤثر في الأرض ليستدل بها على أثره، وتسمى الحديدة التي يعمل بها ذلك المئثرة.‏

‏وأثر السيف: جوهره وأثر جودته، وهو الفرند، وسيف مأثور. وأثرت العلم: رويته (قال ابن فارس: وأثرت الحديث، أي: ذكرته عن غيرك)، آثره أثرا وأثارة وأثرة، وأصله: تتبعت أثره.‏

‏{أو أثارة من علم} <الأحقاف/4>، وقرئ: (أثرة) (وهي قراءة شاذة قرأ بها السلمي والحسن وأبو رجاء.‏

‏قال ابن منظور: فمن قرأ (أثارة) فهو المصدر، مثل السماحة، ومن قرأ (أثرة) فإنه بناه على الأثر، كما قيل: قترة.‏

‏راجع تفسير القرطبي 16/182؛ ولسان العرب 4/7) وهو ما يروى أو يكتب فيبقى له أثر.‏

‏والمآثر: ما يروى من مكارم الإنسان، ويستعار الأثر للفضل، والإيثار للتفضل ومنه: آثرته، وقوله تعالى: {ويؤثرون على أنفسهم} <الحشر/9> وقال: {تالله لقد آثرك الله علينا} <يوسف/91> و {بل تؤثرون الحياة الدنيا} <الأعلى/16>.‏

‏وفي الحديث: (سيكون بعدي أثرة) (الحديث عن أسيد بن حضير أن رجلا من الأنصار قال: يا رسول الله ألا تستعملني كما استعملت فلانا؟ قال: (ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض). وهو صحيح أخرجه البخاري، راجع فتح الباري 7/117) أي: يستأثر بعضكم على بعض.‏

‏والاستئثار: التفرد بالشيء من دون غيره، وقولهم: استأثر الله بفلان، كناية عن موته، تنبيه أنه ممن اصطفاه وتفرد تعالى به من دون الورى تشريفا له. ورجل أثر: يستأثر على أصحابه. وحكى اللحياني (علي بن حازم، راجع أخباره في إنباه الرواة 2/255. وذكر هذا أيضا كراع في المنتخب 2/536) : خذه آثرا ما، وإثرا ما، وأثر ذي أثير (المبرد في قولهم: خذ هذا آثرا ما، قال: كأنه يريد أن يأخذ منه واحدا وهو يسام على آخر، فيقول: خذ هذا الواحد آثرا، أي: قد آثرتك به، و (ما) فيه حشو. راجع لسان العرب (أثر)

‏أثل‏

‏- قال تعال: {ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل} <سبأ/16>.‏

‏أثل: شجر ثابت الأصل، وشجر متأثل: ثابت ثبوته، وتأثل كذا: ثبت ثبوته.‏

‏وقوله صلى الله عليه وسلم في الوصي: (غير متأثل مالا) (الحديث أخرجه البخاري في الشروط 5/263 والوصايا؛ ومسلم في الوصية رقم (1632) ؛ وراجع شرح السنة 2/288، 305؛ وأخرجه النسائب بلفظ: (كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مباذر ولا متأثل) 6/256) أي: غير مقتن له ومدخر، فاستعار التأثل له، وعنه استعير: نحت أثلته: إذا اغتبته (قال ابن فارس: ونحت فلان أثلته، مثل، وذلك إذا قال في عرضه قبيحا. انظر مجمل اللغة 1/87؛ وجمهرة الأمثال 2/309)

‏إثم‏

‏- الإثم والأثام: اسم للأفعال المبطئة عن الثواب (يقال: أثمت الناقة المشي تأثمه إثما: أبطأت. انظر: اللسان (أثم) )، وجمعه آثام، ولتضمنه لمعنى البطء قال الشاعر:‏

‏- 6 - جمالية تغتلي بالرداف * إذا كذب الآثمات الهجيرا (البيت للأعشى في ديوانه ص 87؛ واللسان (أثم). وعجزه في المجمل 1/87)‏

‏وقوله تعالى: {فيهما إثم كبير ومنافع للناس} <البقرة/219> أي: في تناولهما إبطاء عن الخيرات.‏

‏وقد أثم إثما وأثاما فهو آثم وأثيم. وتأثم: خرج من إثمه، كقولهم: تحوب وتحرج: خرج من حوبه وحرجه، أي: ضيقه.‏

‏وتسمية الكذب إثما لكون الكذب من جملة الإثم، وذلك كتسمية الإنسان حيوانا لكونه من جملته.‏

‏وقوله تعالى: {أخذته العزة بالإثم} <البقرة/206> أي: حملته عزته على فعل ما يؤثمه، {ومن يفعل ذلك يلق أثاما} <الفرقان/68> أي: عذابا، فسماه أثاما لما كان منه، وذلك كتسمية النبات والشحم ندى لما كانا منه في قول الشاعر:‏

‏- 7 - تعلى الندى في متنه وتحدرا‏

‏(هذا عجز بيت لعمرو بن أحمر، وشطره:‏

‏<كثور العداب الفرد يضربه الندى>‏

‏وهو في ديوانه ص 84، واللسان (ندى) ).‏

‏وقيل: معنى: (يلق أثاما) أي: يحمله ذلك على ارتكاب آثام، وذلك لاستدعاء الأمور الصغيرة إلى الكبيرة، وعلى الوجهين حمل قوله تعالى: {فسوف يلقون غيا} <مريم/59>.‏

‏والآثم: المتحمل الإثم، قال تعالى: {آثم قلبه} <البقرة/283>.‏

‏وقوبل الإثم بالبر، فقال صلى الله عليه وسلم: (البر ما اطمأنت إليه النفس، والإثم ما حاك في صدرك) (الحديث عن وابصة بن معبد رضى الله عنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (جئت تسأل عن البر؟ قلت: نعم قال: البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك) أخرجه أحمد في المسند 4/228، وفيه أيوب بن عبد الله بن مكرز. قال ابن عدي: لا يتابع على حديثه. ووثقه ابن حبان. وأخرجه الدارمي 2/322. وانظر: مجمع الزوائد 1/182. ذكره النووي في الأربعين وقال: حديث حسن رويناه في مسند أحمد والدارمي بإسناد حسن، راجع الأربعين النووية ص 53) وهذا القول منه حكم البر والإثم لا تفسيرهما.‏

‏وقوله تعالى: {معتد أثيم} <القلم/12> أي: آثم، وقوله: {يسارعون في الإثم والعدوان} <المائدة/62>.‏

‏قيل: أشار بالإثم إلى نحو قوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} <المائدة/44>، وبالعدوان إلى قوله: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} <المائدة/45>، فالإثم أعم من العدوان.

‏أج‏

‏- قال تعالى: {هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج} <الفرقان/52> : شديد الملوحة والحرارة، من قولهم: أجيج النار وأجتها، وقد أجت، وائتج النهار.‏

‏ويأجوج ومأجوج منه، شبهوا بالنار المضطرمة والمياه المتموجة لكثرة اضطرابهم (انظر: المجموع المغيث 1/32).‏

‏وأج الظليم: إذا عدا، أجيجا تشبيها بأجيج النار

‏أجر‏

‏- الأجر والأجرة: ما يعود من ثواب العمل دنيويا كان أو أخرويا، نحو قوله تعالى: {إن أجري إلى على الله} <يونس/72>، {وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين} <العنكبوت/27>، {ولأجر الآخرة خير للذين آمنوا} <يوسف/57>.‏

‏والأجرة في الثواب الدنيوي، وجمع الأجر أجور، وقوله تعالى: {وآتوهن أجورهن} <النساء/25> كناية عن المهور، والأجر والأجرة يقال فيما كان عن عقد وما يجري مجرى العقد، ولا يقال إلا في النفع دون الضر، نحو قوله تعالى: {لهم أجرهم عند ربهم} <آل عمران/199>، وقوله تعالى: {فأجره على الله} <الشورى/40>. والجزاء يقال فيما كان عن عقد وغير عقد، ويقال في النافع والضار، نحو قوله تعالى: {وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا} <الإنسان/12>، وقوله تعالى: {فجزاؤه جهنم} <النساء/93>.‏

‏يقال: أجر زيد عمرا يأجره أجرا: أعطاه الشيء بأجرة، وآجر عمرو زيدا: أعطاه الأجرة، قال تعالى: {على أن تأجرني ثماني حجج} <القصص/27>، وآجر كذلك، والفرق بينهما أن أجرته يقال إذا اعتبر فعل أحدهما، وآجرته يقال إذا اعتبر فعلاهما (انظر بصائر ذوي التمييز 2/132)، وكلاهما يرجعان إلى معنى واحد، ويقال: آجره الله وأجره الله.‏

‏والأجير: فعيل بمعنى فاعل أو مفاعل، والاستئجار: طلب الشيء بالأجرة، ثم يعبر به عن تناوله بالأجرة، نحو: الاستيجاب في استعارته الإيجاب، وعلى هذا قوله تعالى: {استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين} <القصص/26>

‏أجل‏

‏- الأجل: المدة المضروبة للشيء، قال تعالى: {لتبلغوا أجلا مسمى} <غافر/67>، {أيما الأجلين قضيت} <القصص/28>.‏

‏ويقال: دينه مؤجل، وقد أجلته: جعلت له أجلا، ويقال للمدة المضروبة لحياة الإنسان أجل فيقال دنا أجله، عبارة عن دنو الموت.‏

‏وأصله: استيفاء الأجل أي: مدة الحياة، وقوله تعالى: {بلغنا أجلنا الذي أجلت لنا} <الأنعام/128>، أي: حد الموت، وقيل: حد الهرم، وهما واحد في التحقيق.‏

‏وقوله تعالى: {ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده} <الأنعام/2>، فالأول: هو البقاء في الدنيا، والثاني: البقاء في الآخرة، وقيل: الأول: هو البقاء في الدنيا، والثاني: مدة ما بين الموت إلى النشور، عن الحسن، وقيل: الأول للنوم، والثاني للموت، إشارة إلى قوله تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها} <الزمر/42>، عن ابن عباس (وقد نقل الفيروز آبادي هذا حرفيا، وانظر: بصائر ذوي التمييز 2/109).‏

‏وقيل: الأجلان جميعا للموت، فمنهم من أجله بعارض كالسيف والحرق والغرق وكل شيء غير موافق، وغير ذلك من الأسباب المؤدية إلى قطع الحياة، ومنهم من يوقى ويعافى حتى يأتيه الموت حتف أنفه، وهذان هما المشار إليهما بقوله: (من أخطأه سهم الرزية لم يخطئه سهم المنية).‏

‏وقيل: للناس أجلان، منهم من يموت عبطة (أصل هذه المادة: عبطت الناقة عبطا: إذا ذبحتها من غير علة، ومات فلان عبطة، أي: صحيحا شابا. انتهى. انظر: العباب الزاخر (عبط) )، ومنهم من يبلغ حدا لم يجعله الله في طبيعة الدنيا أن يبقى أحد أكثر منه فيها، وإليهما أشار بقوله تعالى: {ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر} <الحج/5>، وقصدهما الشاعر بقوله:‏

‏- 8 - رأيت المنايا خبط عشواء من تصب * تمته‏

‏(البيت لزهير بن أبي سلمى من معلقته، وتمامه:‏

‏ومن تخطئ يعمر فيهرم‏

‏وهو في ديوانه ص 86؛ وشرح القصائد للنحاس 1/125؛ وبصائر ذوي التمييز 2/109)‏

‏وقول الآخر:‏

‏- 9 - من لم يمت عبطة يمت هرما‏

‏(الشطر لأمية بن أبي الصلت، وتتمته:‏

‏للموت كأس فالمرء ذائقها‏

‏وهو في ديوانه ص 241؛ والعباب (عبط) ؛ واللسان (عبط) ؛ وغريب الحديث للخطابي 1/446؛ وذيل أمالي القالي ص 134)‏

‏والآجل ضد العاجل، والأجل: الجناية التي يخاف منها آجلا، فكل أجل جناية وليس كل جناية أجلا، يقال: فعلت كذا من أجله، قال تعالى: {من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل} <المائدة/32>، أي: من جراء، وقرئ: (من إجل ذلك) (وهي بكسر الهمزة مع قطعها قراءة شاذة حكاها اللحياني، وقرأ أبو جعفر بكسر الهمزة ونقل حركتها إلى النون، ووافقه الحسنن انظر: الإتحاف ص 200؛ واللسان (أجل) ) بالكسر. أي: من جناية ذلك.‏

‏ويقال: (أجل) في تحقيق خبر سمعته.‏

‏وبلوغ الأجل في قوله تعالى: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن} <البقرة/231>، هو المدة المضروبة بين الطلاق وبين انقضاء العدة، وقوله تعالى: {فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن} <البقرة/232>، إشارة إلى حين انقضاء العدة، وحينئذ لا جناح عليهن فيما فعلن في أنفسهن.

‏أحد‏

‏- أحد يستعمل على ضربين:‏

‏أحدهما: في النفي فقط (قال المختار بن بونا الجكني الشنقيطي في تكميله لألفية ابن مالك:‏

‏وعظموا بأحد الآحاد * وأحد في النفي ذو انفراد‏

‏بعاقل، ومثله غريب * كما هنا من أحد قريب).‏

‏والثاني: في الإثبات.‏

‏فأما المختص بالنفي فلاستغراق جنس الناطقين، ويتناول القليل والكثير على طريق الاجتماع والافتراق، نحو: ما في الدار أحد، أي: لا واحد ولا اثنان فصاعدا لا مجتمعين ولا مفترقين، ولهذا المعنى لم يصح استعماله في الإثبات؛ لأن نفي المتضادين يصح، ولا يصح إثباتهما، فلو قيل: في الدار واحد لكان فيه إثبات واحد منفرد مع إثبات ما فوق الواحد مجتمعين ومفترقين، وذلك ظاهر الإحالة، ولتناول ذلك ما فوق الواحد يصح أن يقال: ما من أحد فاضلين (وهذا النقل حرفيا في البصائر 2/91)، كقوله تعالى: {فما منكم من أحد عنه حاجزين} <الحاقة/47>.‏

‏وأما المستعمل في الإثبات فعلى ثلاثة أوجه: الأول: في الواحد المضموم إلى العشرات نحو: أحد عشر وأحد وعشرين.‏

‏والثاني أن يستعمل مضافا أومضافا إليه بمعنى الأول، كقوله تعالى: {أما أحدكما فيسقي ربه خمرا} <يوسف/41>، وقولهم: يوم الأحد. أي: يوم الأول، ويوم الاثنين.‏

‏والثالث: أن يستعمل مطلقا وصفا، وليس ذلك إلا في وصف الله تعالى بقوله: {قل هو الله أحد} <الإخلاص/1>، وأصله وحد (قال الفيروز آبادي: وأصله وحد، أبدلوا الواو همزة على عادتهم في الواوات الواقعة في أوائل الكلم، كما في: أجوه ووجوه، وإشاح ووشاح، وامرأة أناة ووناة. انظر: البصائر 2/92)، ولكن وحد يستعمل في غيره نحو قول النابغة:‏

‏- 10 - كأن رحلي وقد زال النهار بنا * بذي الجليل على مستأنس وحد‏

‏(البيت من معلقته؛ وهو في ديوانه ص 31؛ وشرح المعلقات للنحاس 2/162  

ولنا لقاء آخر مع الجزء الثاني من حرف الألف



جميع الحفوق محفوظة
2001